تقرير الخبراء: استهداف ممنهج لتعز وتعطيل منظم للخدمات الأساسية (تفاصيل)

تقرير الخبراء: استهداف ممنهج لتعز وتعطيل منظم للخدمات الأساسية (تفاصيل)

كشف تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن المعني باليمن، الصادر في 15 أكتوبر الماضي، عن صورة مقلقة للوضع في محافظة تعز، مؤكداً أن المحافظة تواجه نمط معقد من الحصار والاستهداف الممنهج في اليمن منذ اندلاع النزاع قبل نحو عقد، ورغم ذلك تواصل الصمود وسط تحديات إنسانية وعسكرية خانقة.

وبحسب التقرير، شهدت خطوط التماس في تعز مواجهات مستمرة بين القوات الحكومية والحوثيين على امتداد محور قتالي يبلغ 317 كيلومتراً، مشيراً إلى أن الحوثيين عززوا مواقعهم في تلال وغابات مديرية مقبنة ببناء معسكرات وأنفاق جديدة وتنفيذ تدريبات مكثفة استعداداً لهجمات مستقبلية.

ورصد التقرير خلال الفترة من 1 يناير إلى 22 يوليو 2025، 35 عملية استهداف مباشر للمدنيين أسفرت عن ثمانية قتلى و29 جريحاً، بالإضافة إلى تدمير ممتلكات مدنية.

كما سجّل الفريق 1037 هجمة ضد القوات الحكومية، بينها 169 هجوماً بالقصف والطائرات المسيّرة، فضلاً عن استخدام الطائرات المسيّرة في 425 عملية هجوم أو استطلاع.

ووثّق التقرير 106 محاولات تسلل و93 عملية استهداف بعبوات ناسفة خلّفت 68 قتيلاً و171 جريحاً وتسع إصابات دائمة، في حين ذكرت مصادر حكومية أن الحوثيين ينشرون قناصتهم في مواقع مطلّة على الأحياء السكنية داخل المدينة، ويستهدفون المدنيين بشكل يومي، بمن فيهم النساء والأطفال.

ولفت إلى أن فتح أحد الطرق شرق تعز أسهم في تسهيل الحركة جزئياً، لكن ذلك قابله الحوثيون بـتكثيف الهجمات حول المدخل الشرقي للمدينة، حيث جرى تسجيل 215 عملية استهداف لمواقع حكومية، في نمط وصفه التقرير بأنه يعتمد “التطويق والقصف لفرض ضغط عسكري يهدف إلى إرغام الخصم على الاستسلام”.

كما خصّص فريق الخبراء دراسة حالة مفصلة عن تعز، وصف فيها الوضع بأنه حرمان ناتج عن نزاع ممتد وضرر مدني ممنهج يمسّ كل جوانب الحياة اليومية.

وأظهر التقرير أن البنية التحتية للمياه في تعز تقع بمعظمها تحت سيطرة الحوثيين، وأن نظام الضخ الرئيسي متوقف عمداً منذ عشرة أعوام، ومن أصل 91 بئراً، لا تخضع لسيطرة الحكومة سوى 21 بئراً لا توفر سوى 15% من احتياج السكان، ما أدى إلى انتشار الأمراض المنقولة بالمياه، ومنها الكوليرا وحمى الضنك.

كما أوضح أن محطة الكهرباء الرئيسية تقع في منطقة خاضعة للحوثيين، ما يجعل خدمة الكهرباء متقطعة وغير موثوقة، ويزيد من الضغط على باقي القطاعات الحيوية.

وفيما يتعلق بالألغام الحوثية، أكد التقرير أن مديرية مقبنة من أكثر المناطق تضرراً في مناطق يرتادها المدنيون، بما في ذلك الأطفال، كما أشار إلى أن مناطق حدودية مثل موزع لا تزال تعاني من انتشار الألغام رغم جهود الإزالة.

ويشير التقرير إلى تفشي أمراض خطيرة مثل شلل الأطفال والدفتيريا والحصبة نتيجة انتقال السكان من مناطق سيطرة الحوثيين حيث معدلات التطعيم محدودة، فيما يعاني القطاع الصحي في تعز من نزوح الكوادر الطبية وتدمير المرافق وتدفق أدوية مخدرة عبر شبكات تهريب.

ويسجل التقرير ارتفاعاً حاداً في معدلات الصدمات النفسية لدى السكان، في ظل غياب خدمات التشخيص والعلاج، كما يؤكد أن الحرب أدت إلى توقف شبه كامل للتجارة والصناعة وارتفاع البطالة وتدهور الزراعة وفقدان الثروة الحيوانية، مما دفع العديد من الأسر إلى الاعتماد على عمالة الأطفال وزيادة التسرب المدرسي.

وخلص التقرير إلى أن تعطيل الخدمات الأساسية بصورة ممنهجة واستغلال ضعف المدنيين يشكل استراتيجية تستهدف تفكيك تعز من الداخل وتقويض قدرتها على الصمود، محذراً من أن الأثر التراكمي لهذه السياسات قد يرقى إلى العقاب الجماعي المحظور دولياً.